ولسنا ندري هل أراد الحبيب الصيد تقديم آخر هدية لصاحب قرطاج باختياره طلب الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب في حكومته إذ الجواب السلبي المرتقب للنواب سيعيد الكرة بصفة دستورية إلى رئيس الجمهورية ليقوم بمشاورات لا تتجاوز عشرة أيام يقرر إثرها من سيخلف صاحب القصبة الحالي...
هذا من حيث شكلانية الاختيار ولكن لا شك أن رئيس الجمهورية لن يقرر بمفرده من سيكون على رأس حكومة الوحدة الوطنية بل هو محتاج إلى موافقة صريحة أو على الأقل عدم اعتراض بيّن من قبل شركائه في مشاورات حكومة الوحدة الوطنية وخاصة اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة والنهضة والنداء مع أقصى ما يمكن من الأحزاب الموقعة على اتفاق قرطاج...
قلنا في مناسبات سابقة بأن «صمود» الحبيب الصيد ورسائله المشفرة حول «الضغوط» المسلطة عليه للاستقالة سوف تلقي بكل ثقلها على خلفه من حيث الخصال الفردية وكذلك التموقع تجاه الأحزاب الداعمة له أي حوكمة العمل الحكومي وأخيرا السياسات العمومية العاجلة التي سيبدأ بتنفيذها...
لسنا ندري ما سيقوله بالضبط الحبيب الصيد في خطابه أمام مجلس نواب الشعب نهاية الأسبوع القادم... لا شك أنه سيعرض حصيلة عمل الحكومة خلال ما يقارب السنة ونصف السنة فيما دأب عليه في سياسته الاتصالية منذ البداية: أي التركيز على نصف الكأس الملآن تاركا لخصومه الاهتمام بالنصف الآخر...
لسنا ندري هل سيتجاوز الحبيب الصيد الحصيلة أم سيقف عندها فقط ولكن ما نحتاج إلى معرفته نحن هو حقيقة الضغوطات التي تحدث عنها لا خلال هذه الأسابيع الأخيرة ولكن على امتداد فترة حكمه وخاصة في علاقة بمسألة التعيينات الحزبية والزبونية والعائلية..
لا نريد أن «نؤرخ» لافتتاحيات «المغرب» ولكن نريد أن نذكر بعنوان كتبناه مباشرة بعد فوز الباجي قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية: «الدولة المحايدة»..
تلك هي أولوية الأولويات في نظرنا فتونس قد قاست قبل الثورة وبعدها من الحكومات الحزبية التي سعت إلى خنق الدولة بشبكة من الولاءات الزبونية المتنوعة انتهت بها قبل الثورة إلى نفوذ العائلات المافيوزية.. ولكن بعد الثورة وباستثناء حكومات 2011 وكذلك حكومة التكنوقراط عادت هذه الآفة للسيطرة بداية مع حكم النهضة وتواصل الأمر مع الحكم المشترك بين الرباعي الحاكم والحبيب الصيد...
ففي سلّم التقييم يأتي الفشل – النسبي لا محالة – لهذه الحكومة في إقامة الدولة المحايدة.. وهذا الفشل تتقاسمه مع رئاسة الجمهورية ومصالحها المختلفة وكذلك....